الهندسة الصناعية وهندسة التصنيع .. اختلاف في الاسم أم في التخصص؟

في كثير من الأحيان يتم استخدام اسم هندسة التصنيع (Manufacturing Engineering) للدلالة على الهندسة الصناعية (Industrial Engineering) أو العكس؛ استخدام الهندسة الصناعية للدلالة على هندسة التصنيع. هل هذا الاستخدام دقيق؟ وهل الأثنان هما نفس التخصص؟ والفرق هو فقط الاسم؟ في الحقيقة الفرق في الاسم يعكس فرق أيضاً في التخصص، هناك الكثير من التداخل بين الأثنين ولكنهما ليس نفس الشئ وهناك اختلاف بينهما سأحاول أن أوضحه في هذه التدوينة.

تخصص الهندسة الصناعية كما وضحت في تدوينات سابقة يهتم بالتعامل مع الأنظمة الصناعية المتكاملة بكل عناصرها وكل أنواعها، سواء كانت نظم خدمية تقدم منتجات غير ملموسة على شكل خدمات أو كانت نظم تصنيع تنتج منتجات ملموسة على شكل بضائع وسلع. تخصص هندسة التصنيع يهتم فقط بالتعامل مع نظم التصنيع  التي تنتج منتجات ملموسة ولا يدخل في نطق اهتمامه نظم الصناعات الخدمية، ويكون تركيزه في العادة أكثر على الجوانب التقنية والهندسية والتركيز على الجوانب الإدراية يكون محدود في  ما له علاقة مباشرة بإدراة نظم التصنيع (مثل الجودة وإدراة وتخطيط العمليات).

ولعل اهتمام هندسة التصنيع بالمنتجات الملموسة هو ما يجعل الكثير يعتقد أنها تمثل كل الهندسة الصناعية. وربما هو ما يجعل العديد من المهندسين الصناعيين الذين يجدون صعوبة في توضيح طبيعة التخصص لمن لا يعرف الكثير عن الهندسة الصناعية يقتصرون شرحهم على ما تقوم به هندسة التصنيع.

وبصفة عامة تعتبر هندسة التصنيع أحد فروع الهندسة الصناعية والهندسة الميكانيكة، ويتم تدريس هندسة التصنيع ومنح شهادات التخصص فيها غالباً ضمن أقسام الهندسة الصناعية والهندسة الميكانيكة كأحد الشعب أو التخصصات الفرعية في كل منها.   

وهنا المزيد من المعلومات عن هندسة التصنيع وأساسياتها:-

هندسة التصنيع هي تخصص هندسي تهتم بكل النشاطات المتعلقة بتحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية وتسعى لاتمام ذلك بأفضل طريقة اقتصادية وكفاءة وفاعلية ممكنة. جمعية مهندسي التصنيع (Society of Manufacturing Engineers (SME) ) تضع أربع ركائز أساسية لهندسة التصنيع وهي:

• المواد وعمليات التصنيع
  (Material and Manufacturing Processes)

• المنتج والأدوات وهندسة التجميع
  (Product, Tooling, and Assembly Engineering)

• نظم التصنيع والعمليات
  (Manufacturing Systems and Operations)

• تنافسية التصنيع
  (Manufacturing Competitiveness)

وتقوم هذه الركائز بدورها على قاعدتين أساسيتين؛ فالمواد وعمليات التصنيع والمنتج والأدوات وهندسة التجميع تقوم على قاعدة  الرياضيات والعلوم، ونظم التصنيع والعمليات وتنافسية التصنيع تقوم على قاعدة الكفاءة الشخصية. وتتضمن كل قاعدة وركائزها مجموعة من الأساسيات، فركيزة المواد وعمليات التصنيع تشمل علوم الهندسة والمواد وعمليات التصنيع، وركيزة المنتج والأدوات وهندسة التجميع تشمل تصميم المنتج وتصميم العملية وتصميم الأدوات والمعدات. وركيزة نظم التصنيع والعمليات تشمل على تصميم نظم الإنتاج وتصميم نظم الآتمتة والتحكم، وركيزة تنافسية التصنيع تشمل على الجودة والتحسين المستمر وإدارة التصنيع.  للمزيد حول هذه الركائزالأربع لهندسة التصنيع يمكن الإطلاع على المقالة:-

Jack, H., Mott., R, Raju, V., Conkol, G., Stratton, M., Waldrop, P., Wosczyna-Birch, K., Bates, S. “Curricula 2015; A Four Year Strategic Plan Manufacturing Education”, June 2011. Available at https://sites.google.com/site/curricula2015/

هندسة صناعية أم هندسة نظم؟

 طرح مجلس أمناء معهد المهندسين الصناعيين (Institute of Industrial Engineers (IIE))  مبادرة لتغيير اسمه إلى معهد المهندسين الصناعيين ومهندسي النظم ( Institute of Industrial and Systems Engineers (IISE) ). وينوي المعهد عرض هذا المقترح للنقاش في جلسة مفتوحة لأعضاء المعهد في مؤتمره ومعرضه السنوي الذي سيعقد نهاية شهر مايو القادم في مدينة ناشفيل بولاية تينسي في أمريكا. ومن ثم يعتزم طرح مبادرة تغيير الاسم على كل الأعضاء للتصويت نهاية هذا العام (2015).

وقد كان المعهد قد عرض تغيير الاسم بأضافة "نظم" إليه للتصويت عام 1970 وجاءت النتيجة 54% مقابل 46% ضد تغيير الاسم.

وهذه وصلة لصفحة المبادرة على موقع المعهد للإطلاع على تفاصيل هذه المبادرة.

من أسباب تغيير الاسم يقول مجلس الأمناء، في صفحة مبادرة تغيير الاسم، أن ذلك أصبح ضروري ليعكس طبيعة عمل الهندسة الصناعية حالياً والتي تتعامل مع أنظمة متكاملة  بمقاييس ضخمة، وأن "صناعية" فقط لا تعكس هذا بوضوح كامل وتعطي فكرة محدودة جداً وغير دقيقة عن طبيعة مايقوم به المهندسون الصناعيون حالياً. وأن الكثير من المهندسين الصناعيين لم يعودوا يعملون في تطبيقات صناعية تقليدية وأن أضافة "نظم" ستعكس بشكل أفضل جوهر ما يقوم به المهندسون الصناعيون فعلياً.

قام المعهد أيضاً بفتح باب النقاش حوال المبادرة بصفحاته على مواقع التواصل الأجتماعي. وفي هذه النقاشات نجد آراء متابينة بين تأييد المبادرة أو تأييد الحفاظ على الاسم كما هو. فالعديد من مؤيدي عدم تغيير الاسم يخشى أن يكون هذا بداية لإزالة "صناعي" بالكامل من الاسم وتغيير اسم المهنة إلى هندسة نظم فقط وبالتالي مسح أصل المهنة وتقاليدها وكل التاريخ والمكاسب المرتبطة بمصطلح "صناعي". والبعض الآخر يقول أنه ليس من الضروري أضافة كلمة "نظم" لإنها موجودة في التعريف الرسمي الذي وضعه المعهد (الأنظمة الصناعية المتكاملة) وأن جميع النظم التي يتم التعامل معها هي بطبيعتها "صناعية" سواء كانت إنتاجية أو خدمية، وأن أضافة نظم ستسبب الكثير من الخلط بين مهنتنا ومهن أخرى تستخدم تعبير نظم في اسمها (مثل هندسة نظم المعلومات والكمبيوتر ونظم التحكم).

المؤيدون للمبادرة يقولون أن تغيير الاسم  يخص اسم المعهد فقط وليس المهنة ككل وأنه لا توجد إي نية لإزالة "صناعي" من الاسم ، وأن اسم المهنة لا يمكن تغييره بمجرد تغيير اسم المعهد. ويقولون أيضاً، أن أضافة "نظم" ستمكن المعهد من توسيع نشاطاته ومجال عضويته ليشمل نطاق أكبر يعكس بالفعل جميع أنشطة المهنة ويمنع إي تنظيمات أخرى من المزاحمة والاستحواذ عليها.

للإطلاع والمشاركة لمن يحب هذه وصلة لصفحات نقاش المبادرة على مواقع التواصل الأجتماعي:

وصلة لصفحة النقاش على Linkedin.

وصلة لصفحة النقاش على Facebook.

تنظيمات وجمعيات الهندسة الصناعية

معظم المهن المنتشرة في عصرنا الحالي يعتمد على جمع ممارسي المهنة في تجمع غير ربحي يمثلهم ويعمل على تنظيم وتطوير المهنة بما يحافظ على الصالح العام للمجتمع وفي نفس الوقت يرعى حقوق ومصالح محترفي المهنة. نشاط وفاعلية هذه التجمعات له دور كبير في تطور المهن وزيادة فاعلياتها وتطويرها بدورها للمجتمعات. مهنة الهندسة الصناعية لديها حصتها من هذه التجمعات وسأحاول في هذه التدوينة أن أسرد بإختصار بعض هذه التنظيمات.

الهندسة الصناعية تعتبر أحد المهن الهندسية الخمس الأساسية (المدنية، الميكانيكية، الكهربائية، الكيمائية، الصناعية) التي ظهرت وأنتشرت في عصر الثورة الصناعية قبل الحرب العالمية الثانية. الكثيرون يعتبرون أساليب قياس وتنظيم العمل والوقت التي طورها المهندس الميكانيكي فريدريك تايلور (1856-1915) تحت اسم الإدارة العلمية كنواة أساسية تطورت منها وتوسعت مهنة الهندسة الصناعية.  وقد كانت الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين (American Society of Mechanical Engineers (ASME)) التنظيم الأول التي تمت فيه مناقشة وعرض أفكار تايلور. ومع انتشار ونجاح  أساليب الإدارة العلمية لفريدريك تايلور ظهرت أول الجمعيات المهنية التي ضمت الكثير من المهندسين الصناعيين في عضويتها. منها جمعية ترويج علم الإدارة (Society to Promote the Science of Management) والتي أنشئت في  عام 1912 والتي تغير اسمها لاحقاً في عام 1916 إلى جمعية تايلور (Taylor Society). وأنشئت أيضاً في حدود عام 1920 جمعية المهندسين الصناعيين (Society of Industrial Engineers). وفي عام 1936  تم جمع الأثنين تحت اسم جمعية تقدم الإدارة  (Society of Advancement of Management).

في عام 1948 أُسس المعهد الأمريكي للمهندسين الصناعيين (American Institute of Industrial Engineers (AIIE)) والذي تغير اسمه في عام 1981 إلى معهد المهندسين الصناعيين (Institute of Industrial Engineers (IIE)) ليعكس خلفيته الدولية حيث ينتمي أعضاءه إلي حوالي 80 دولة في ذلك الوقت. ويعتبر حالياً التنظيم الأول حول العالم المهتم بشؤن الهندسة الصناعية. يقبل المعهد طلبات العضوية من كل دول العالم وويوفر المعهد عدة خيارات للعضوية تشمل عضوية للطلبة ولخريجي السنة الأولى بمبالغ إشتراك سنوية رمزية.

يصدر المعهد العديد من المنشورات والدوريات المختصة بالهندسة الصناعية، بعضها يهتم بشئون وأخبار المهنة وتطوراتها بصفة عامة مثل مجلة المهندس الصناعي (Industrial Engineer) وبعضها يهتم بنشر الأبحاث العلمية المحكمة مثل (IIE Transactions) و(The Engineering Economist).

ينظم المعهد أيضاً ويشرف على العديد من المؤتمرات في التخصص منها مؤتمره الدولي السنوي (International IIE Conference).

طبيعة مهنة الهندسة الصناعية المتعددة المجالات تسمح للمهندسين الصناعيين بالتشارك أيضاً في عضوية العديد من التنظيمات التي تمثل مهن مشتركة بين العديد من التخصصات (مثل الإدارة وهندسة التصنيع والسلامة والصحة المهنية). وسأختم هذه التدوينة بقائمة تشمل العديد من هذه التنظيمات التي تضم الكثير من المهندسين الصناعيين ضمن أعضاءها.

معهد بحوث العمليات وعلوم الإدارة

Institute for Operations Research and the Management Sciences (INFORMS)

الجمعية الأمريكية للتحكم في الإنتاج والمخزون

American Production and Inventory Control Society (APICS)

الجمعية الأمريكية للجودة

American Society of Quality (ASQ)

جمعية العوامل البشرية والإيرغونامكس

Human Factors and Ergonomic Society (HFES)

جمعية مهندسي التصنيع

Society of Manufacturing Engineers (SME)

الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمة

Society of American Value Engineers (SAVE)

الجمعية الأمريكية لمهندسي السلامة

American Society of Safety Engineers (ASSE)

جمعية الآلات الحاسوبية

Association of Computing Machinery (ACM)